الغيلي ينشر فلمه العلمي القصير حول كورونا وعقار هيدروكسي كلوروكين
يؤثر التطور العلمي
والتكنولوجي في السنوات الأخيرة بشكل متزايد على حياتنا وخياراتنا من خلال تقديم
إجابات للأسئلة التي لم تتم الإجابة عليها سابقًا، وبعضها مهم جدًا مثل "من وماذا؟"
و "كيف يعمل الكون والعالم من حولنا؟".
هذا النوع من
التطور، والذي غالبًا ما يكون التصوير السينمائي هو المتحدث باسمه، يقدم
سيناريوهات لا نهاية لها وتنبوءات قد تتحقق أحياناً. في هذا السياق بين العلم
والطبيعة والواقع والخيال العلمي نجد أعمال هاشم الغيلي الباحث العلمي والمدون
العالمي اليمني الحائز على جوائز مرموقة لتفانيه في البحث والعلوم، فلديه القدرة
على جعل العلم سهل المنال للجميع؛ وذلك من خلال محاكاة أفلام الخيال العلمي القصيرة
الخاصة به، وقد ارتفع مستوى أدائه من خلال تجربته الذاتية في التصوير السينمائي
والجمع بين الموضوعات العلمية والخيال العلمي..
وقد بدأت حكاية الفيلم بزيارة كائنات فضائية قطعت 3000 سنة
ضوئية لتصل إلى كوكب الأرض في ديسمبر 2020م جاءت لحل مشاكل الأرض بما في ذلك تغير
المناخ وفيروس كورونا؛ لكن سكان الأرض رفضوا مساعدة هذه الكائنات، فلديهم علاج حسب
زعمهم لفيروس كورونا يطلق عليه هيدروكسي كلوروكين، غير أن الكائنات الفضائية تخبر
أهل الأرض أن أطباءهم قالوا أنه لا يعمل، وهنا كانت المفاجأة "نحن لا نهتم
لما يقوله أطبائنا فاترك مدارنا الآن"، كما عرض الفضائيون مشاركة تقنياتهم مع
أهل الأرض، وكان رد الأرضيين "ونحن على استعداد لمشاركة بعض من تقنياتنا معكم
أيضاَ؛ لدينا 5000 رأس نووي كلها موجهة نحو سفينتكم الفضائية، إذا لم تغادروا
مدارنا خلال الثلاثين الثانية القادمة، سنضطر لإطلاقها" وهنا غادر الفضائيون
قائلين "ربما لم يكن يتوجب علينا المجيء إلى هنا، هذا الكوكب هو قضية خاسرة".
دواء لا يفي بالغرض
وتستمر أحداث الفلم ليكتشف الممثل الذي لم يتم قراءة السيناريو
الخاص به ولم يتابع آخر الأخبار عن العقار المحتمل لعلاج الفيروس؛ حيث أن هذا
الدواء لا يفي بالغرض لعلاج فيروس كورونا.
بعد هذه المقدمة المشوقة يبدأ الفلم في شرح الحقائق المتعلقة
بعقار هيدروكسي كلوروكين المستخدم منذ عقود كدواء للملاريا.
وتطرق الفيلم إلى أنه في مارس 2020م قدم العلم رسمياً إجابته
الأولى لوباء كورونا المستجد، موضحاً أنه من أجل فهم المنطق وراء استخدام هيدروكسي
كلوروكين ضد فيروس كورونا، علينا أن نلقي نظرة على كيفية عمله، الدواء لا يتفاعل
مباشرة مع الفيروس نفسه، وبدلاً من ذلك، فإنه يعطل البيئة التي يتكاثر فيها،
فالفيروس يتطلب بيئة حمضية داخل الخلية المضيفة لعمل نسخ أخرى، ومع ذلك، عندما
يدخل هيدروكسي كلوروكين إلى الخلية يقلل من هذه الحموضة، مما يجعل من الصعب على
الفيروس التكاثر، يعتقد أيضاً أن هيدروكسي كلوروكين يهدئ جهاز المناعة أثناء
العدوى الفيروسية. بعد إصابتك بفيروس كورونا يتم تجنيد العديد من الخلايا المناعية
في موقع الإصابة، هذه العملية تسمى "الإنفعال"، لكن بما أن العدوى
الفيروسية يمكن أن تكون شديدة في بعض الأحيان، يجند جسمك خلايا مناعية أكثر مما ينبغي،
في النهاية، مجموعات كبيرة من الخلايا المناعية تتجمع في موقع الإصابة، حيث تبدأ
في مهاجمة خلاياك السليمة، يعتقد أن هيدروكسي كلوروكين يقلل من هذه الاستجابة
المناعية.
ثم يتحدث الفيلم عن اهتمام الصحف بعقار هيدروكسي كلوروكين
ويتصدر عناوينها مرة أخرى، بعد أن حذرت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية والأطباء
من أنه شديد الخطورة لعلاج مرض فيروس كورونا المستجد، موضحة بأن الأخطار المحتملة
لتناول الدواء كانت أكبر من الفوائد المحتملة.
بعد ذلك ذكر الفيلم بأن هناك العديد من الأسباب التي جعلت عقار
هيدروكسي كلوروكين لا يعمل مع فيروس كورونا، أولاً وقبل كل الشيء الدراسة الأولية
التي أظهرت فائدة إيجابية كانت معتمدة على الاختبارات المعملية، وكما هو معروف ما
ينجح في المعمل أو المختبر قد لا ينطبق دائماً على الحياة الواقعية، كما قد لا
تترجم الفائدة من النماذج الحيوانية والخلوية إلى البشر، ففي الاختبارات المعملية
تقوم بفحص الدواء على خلايا فردية أو مجموعة بينما داخل جسم الإنسان تعمل الأنسجة
والأعضاء معاً كآلة معقدة، فنحن نتجاهل مئات الآلاف من العمليات التي قد تجعل
الدواء غير مناسب للاستخدام، ناهيك عن أنه تختلف فسيولوجيا الحيوانات عن تلك
الخاصة بالبشر، مما يجعل من الصعب الحصول على نتائج مماثلة داخل جسم الإنسان.
السبب الثاني لعدم نجاحه هو تركيبته الكيميائية التي لم يتم
تعديلها حتى تتناسب مع طبيعة الفيروس الجديد فمن غير المعقول أن تتغير تركيبة
العقار تلقائياً، أما السبب الثالث فهو بأن مرضى فيروس كورونا ليسوا متماثلين
بالإضافة إلى ذلك البعض منهم قد يستخدم الأدوية الموجودة التي يمكن أن تتداخل مع
تأثير هيدروكسي كلوروكين مما يؤدي إلى مضاعفات خطيرة بدلاً من ذلك، والسبب الأخير
لعدم نجاحه تم تسليط الضوء عليه في دراسة حديثة والتي تحققت من ما يفعله هيدروكسي
كلوروكين لمرضى كورونا واتضح أن العقار كان في الواقع يعيق نشاط نوع معين من خلايا
الدم البيضاء والتي تلعب دوراً مهماً في خط الدفاع الأول ضد العدوى، يمكن لهذه
الخلايا الوحيدة تطوير ما يسمى "المناعة المدربة" والتي تسمح لجسمك
بالتفاعل بسرعة مع الفيروسات والبكتيريا التي تغزو الجسم، بما أن هيدروكسي
كلوروكين يمنع نشاط الخلايا الوحيدة مما يجعل الفيروس ينتهي بالفوز لأن خط الدفاع
الأول قد تم اختراقه.
خلاصة الفلم أنه بسبب انتشار المعلومات الخاطئة بهيدروكسي
كلوروكين، بدأ كثير من الناس بالمداواة الذاتية بالدواء دون استشارة أطبائهم، وعلى
الرغم من أن الأدلة العلمية أظهرت أنه لا يعمل مع وباء كورونا لا يزال هيدروكسي
كلوروكين يوصف باعتباره "علاج المعجزة" للوباء، إذا توقفنا عن الثقة
بالأدلة العلمية الموثوقة، سيظل وباء فيروس كورونا هنا.
الجدير بالذكر أن هاشم الغيلي هو أحد أبناء اليمن الذين
يعشقون العلم والمعرفة ولا يتوقف حبهم للمعرفة عند البحث عن المعلومة فقط بل أيضاً
يسعى إلى نشرها ليستفيد منها الآخرون. بدأ مسيرته العلمية منذ الصغر وكان دائماً يقرأ
المجلات العلمية ويطمح في أن يكون له دور هام في مجالات البحوث العلمية. درس علوم التكنولوجيا
الحيوية في جامعة بيشاور بباكستان عبر منحة من وزارة التعليم العالي والبحث ثم انتقل
إلى ألمانيا لدراسة الماجستير عبر منحة من منظة الـ DAAD الألمانية. بعد الانتهاء من الماجستير وجد الوقت الكافي لنشر العلم والمعرفة
من خلال إنتاج مقاطع فيديو تبسط مواضيع مختلفة حول العلوم لعامة الناس عبر صفحته
على فيس بوك التي يتابعها حالياً أكثر من 32 مليون متحمس للعلوم من جميع أنحاء العالم،
كما يقوم بمشاركة المحتوى الخاص به على Instagram و LinkedIn و YouTube و Twitter.
كما يمكن قراءة الخبر من موقع الثورة نت صفحة pdf (من هنا)
