Top Ad unit 728 × 90

لم أكن أتوقع يوماً!!

لم أكن أتوقع يوماً! أن يأتي أقرب المقربين من أخي، فينهال عليّ سباً وشتما ويخرج عن حدود الأدب عبر تعليقات فيسبوكية على منشور لي، لم أكن أتوقع! لكونه كان قريباً من أخي واحترامه لأخي يعني بالضرورة احترامه لي ولجميع أسرتي، هذا من باب ومن باب آخر كونه صديقاً لي.
فإن كان بيني وبينه خلاف في الرأي فهذا لا يعني أن أكون هدفاً لكلماته السيئة، على الأقل بحكم القرابة والصداقة بيننا، لكن! ما الذي دفعه إلى مثل هكذا تصرف.
وبعد وقفة تأمل وجدت أنه لم تكن كلماته سوى مرآة تعكس ما يسمعه ويشاهده ويقرأه ويتفاعل معه، فلم يعد الإعلام في هذه الأيام يُعبّد لنا إلا هذه الطريق، طريق تبادل التفاهات والكلمات النابية، فوسائل الإعلام بشكل عام -مرئية ومسموعة ومقروءة وتفاعلية اجتماعية- هي من تغذي المجتمع بهذه التفاهات، حتى أصبحت كلاماً عابرا، فصديق أخي أضنه لم يعرف أنه أخطأ في حقي، فلا حاجة لأن تستغرب من مناداتك بيا "د اعشي" أو "تكفيري" أو "مجوسي" أو "مرتزق" أو "منافق"...
فوسائل الإعلام هي أدوات للهدم أو البناء؛ فإن تفننت في نشر ثقافة الموت والتفرقة فهي وسائل هدم ونشر للسموم التي ستفكك المجتمع وتدمره، وإن سعت لإشاعة لغة الحوار وثقافة السلم كمنطلق للتفاهم والتعايش فهي وسائل بناء وتقدم وحضارة.
وقد قرأت يوماً لأحد أساتذة الإعلام قولاً بأن أن وسائل الإعلام أصبحت السلطة الأولى في عصرنا الحاضر بعدما كانت تعتبر السلطة الرابعة، وهي تقوم اليوم بدور أساسي في تأجيج الحروب أو تحقيق السلام، والدور الأول لوسائل الإعلام ليس بث ثقافة ما ..أيديولوجية ما... دين ما.. وإنما تغطية الأحداث، ولكن يمكن أن تساهم في تعزيز ثقافة السلم أو النزاعات أو تعزيز هوية ما ومشروع ما..، والسلم والحرب مرتبطان بالخطاب الإعلامي المسيطر، وتسطيع وسائل الإعلام أن تجعل مفهوم ثقافة السلم سائداً وحاضراً أو ضعيفاً و غائباً في المجتمع ، وفي هذا السياق كيف يمكن أن تكون ثقافة السلم هدفاً جوهرياً في مضامين وممارسات وسائل الإعلام؟
اعتقد أن الأمر لم يعد صعباً خاصة ونحن نعيش في عصر المواطن الصحفي، حيث أصبح بإمكان أي شخص أن يمتلك قناة فضائية على يوتيوب أو نافذة تفاعلية على شبكات التواصل الاجتماعي، تسهم في نشر ثقافة السلم والتعايش المجتمعي ومواجهة كل ما من شأنه تهديد السلم المجتمعي مثل عدم احترام كرامة الناس، وغياب العدل، وانتشار الجهل، والفقر، والغلو، والتعصب، والتطرف بكافة أشكاله، وثقافة السلم هي الرد على هذه التهديدات وأسباب النزاعات.

وعندي يقين بأن المجتمع سيصل إلى مرحلة التشبع، التي ستجعله يترك وسائل الإعلام الملطخة بثقافة الحرب والموت، ويبحث عن وسائل الإعلام المعطرة بثقافة السلم والحياة.

هاشم السريحي، Hashem، الصحفي هاشم السريحي

لم أكن أتوقع يوماً!! Reviewed by مدونة هاشم السريحي on 2/20/2017 Rating: 5

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.